الخميس، 4 يناير 2024

نيتشة وفن تناول الطعام - وليم إيرون

 

كتب موقع أمريكيًا ساخرًامتهكمًا على حمية اتكينز"حمية غذائية نيتشوية جديدة تجعلك تأكل كل شئ تخاف أن تأكله" وحوّر الموقع جملة نيتشه (1844-1900) الشهيرة "قد مات الإله" إلي شعار منخفض النشويات "قد ماتت الدهون" theonion.

ينطق اسم نيتشه عادة بصورة خاطئة فـ "nee-chee" ني تشي، والصحيح هو أن ينطق"nee-ch-ya" ني-تش-يا على وزن ta meetchya نا-ميتشيا أو إيتشيا.

وبعيدًا عن المزاح فإن هناك رابطًا جدير بالملاحظة بين أتكينز ونيتشه الذي كتب"معدة المرء هي السبب الذي يمنع الإنسان من عبادة نفسه". اهتمت فلسفة نيتشه الاستثنائية بالحياة وبالتالي ألقت الضوء على حمية أتكنز وكل نظام رعاية خاص بالجسد والعقل.   



 "كيف يصبح المرء على ما هو عليه"                


أشترت الفلسفة بأنها غير عملية، غير عابئة بالأشياء التي تهم الإنسان حقًا، والطريقة التى يحيون بها. لم يتحدث معظم الفلاسفة حول الطريقة التي يجب على الإنسان أن يأكل أو يتدرب أو يسكن، سوى نيتشه. فيقول نيتشه "تلك الأشياء الصغيرة مثل الطعام والمكان، والمناخ والدعة أكثر أهمية من أي شيء آخر بشكل لا يتصوره المرء". ولكن لماذا أعتقد نيتشه في أهمية تلك الأشياء الصغيرة؟ "لأن على الإنسان أن يتعلم كيف يعيش". كان نيتشه من أكثر فلاسفة العصر الحديث اهتمامًا بجعل الفلسفة تتناسب مع الحياة، وكيفية جعل الفلسفة طريقة وأسلوبًا في الحياة. فقد كان منزعجًا من الفجوة بين الفلاسفة الحديثين والحياة اليومية، وعدم ارتباط الفلسفة بحياة معظم البشر، وقد آسف لذلك بقوله"لا أحد يستطيع تطبق كل قواعد الفلسفة على نفسه، لا يمكن العيش فلسفيًا، بشجاعة مستمرة مثل التي عاش بها أحد القدماء في كل مناحي حياته أيا ما كان يقوم به، فهو يتصرف كرواقي بمجرد تصديقه في ستوا Stoa". 


تتوافق وجهة نظر نيتشه مع الفلسفة الرواقية بوصفها"فن العيش" ويذهب إلي أنه هدف الفلسفة أن تكون حياة الفرد عمل فنى. فكان عنوان كتاب "هذا هو الإنسان"  الفرعي "كيف يكون الإنسان نفسه"  رأي نيتشه في هذا الكتاب كما في كل أعماله أنه ليس بالضرورة أن  الطبيعة أو التنشئة هي ما تكوّن الإنسان وتجعله ماهو عليه، فتلك القوى تسيطر علينا لا طالما لم تكبح جماحها. "كما لو أن  الحياة ليست بحرفة يتم تعلمها من البداية وممارستها باستمرار دون هوادة كما وإلا تصبح مرتعًا للزواحف الفاسدة والثرثارة". ولكن فنحن لنا سلطة على حياتنا، لنحتها وتشكيلها ونتحكم بها كما يتحكم الروائي في شخصيات روايته. يقول ألكسندر نحماس "تؤسس وحدة الذات الهوية، فهي ليست تمنح مسبقًا ولكن تُحقق، فهي ليست المبتدأ ولكنها الهدف النهائي"

فيقول نيتشه: نريد أن نصبح شعراء لحياتنا بداية من المسائل الصغرى وصولا لكل أمورنا اليومية". وبما أن الفلسفة هي فن العيش الذي يهتم بدقائق وتفاصيل إشكالات حياتنا اليومية فهذا بالطبع يتضمن فن تناول الطعام. فيقول نحماس

 "فالحالة المثلى هي ائتلاف كلي متماسك ورغبة في أن يصبح المرء كل شئ هو عليه، وإضفاء أسلوب على شخصية الفرد لأن يكون" 



 الجوع:



سخر وودي آلن متسائلًا "لو هناك مشكلة بين الجسد والعقل، فأيهما تختار؟". مثل هذا السؤال سهل بالنسبة إلي نيتشه، فمن الأفضل من وجهة نظرة الإبقاء على الجسد، فهو يقول"أنا جسد فقط، أما الروح فهي مجرد كلمة تشير إلي شئ في ذلك الجسد". ليس علينا القبول بوجهة نظر نيتشه حول موقفه من الروح والجسد، فميتافزيقا كيفية اتصال الجسد والعقل أو ما تسمى معضلة العقل والجسد هي اتجاه نظري، ولكن الاتصال بين العقل والجسد حقيقة وآلية كيفية التواصل بين الاثنين هو اتجاه عملي. فهو ليس موضوعًا يحظي باهتمام المفكرين فقط، فنحن لا نهدف إلي معرفة كيف للعقل والجسد التواصل لإضافة معلومات جديدة لكتب المعرفة، ولكننا نريد معرفة ذلك لأنه من خلالها يمكن إحداث فارق من خلالها. عبر نيتشه عن ذلك بقوله "أنا مهتم بتساؤل حول تحرر الإنسان أكثر من أي سؤال لاهوتي يُقتنى كتحفة قديمة على سبيل المثال التساؤل حول تغذية المرء….فكيف لك من بين كل البشر أن تأكل لتمنح أقصى قدر من القوة للفضيلة على طريقة عصر النهضة مجردة من الأخلاق؟". لتجعل من حياتك عمل فني ليس عليك أن تفهم معضلة العقل والجسد أو أن تقدم إجابات للمعضلات اللاهوتية مثل "كم عدد الملائكة التى يمكنها الرقص على مقدمة دبوس؟" لقد أصبحت الفلسفة من وجهة نظر نيتشه منشغلة بالأمور المجردة التى لا تقدم شيئًا بشأن كيف للمرء أن يكون، فمن المهم جدًا الانتباه إلي ما يأكله المرء وملاحظة الاختلاف تأثير الأطعمة على فاعلية الإنسان. 

فالطعام هو وقود لما نكونهُ، فإننا الفنانون والعمل الفني في الآن نفسه. لنتخيل مثلًا أن أرنولد شوارزنيجر تبع حمية اتكينز الغذائية ليجعل من نفسه العمل الفني الذي هو عليه، إلي جانب قيادته للدراجات النارية من نوع هامر وهارلي، وتناول اللحوم الحيوانية الابتعاد عن أطعمة "الرجال المخنثين" على حد وصفة مثل الكعكات الدسمة، كل هذا اضفي الكثير إلي شخصيته. 

  

يجد الكثير أن الكميات العالية من الاندروفين التى يفرزها الجسم خلال ممارسة الرياضة مفيدة في لصحة مشاعرهم فضلًا عن إفادتها لصحتهم الجسدية، وكذلك من عانوا من إدمان النشويات أو إضطراب في سكر الدم يجدون حمية اتكنيز الغذائية تنقص من أوزانهم وتخفض من مستوى الكوليسترول في الدم بالإضافة إلي ذلك فإنها ترفع من معنوياتهم. اعتبر نيتشه النظام الغذائي المتوازن وعملية الأيض عامل رئيسي في لبلوغ أقصى درجة من الأداء الذهني والروحي، معتبرًا أن الروح هي من وظائف عملية الأيض. "تتناسب وتيرة الأيض مع حركة أو سكون الروح، فالروح هي جانب من جوانب عملية الأيض" 


يتعهد اتكينز بأن نظامه الغذائي "يمدك بالطاقة بشكل تلقائي". فسيجد الأشخاص الذين يشعرون بجوع دائم وعادة ما يكون جوعًا مزاجيًا ذلك النظام مرضيًا ومتزن. ولكن ما سبب شعورهم السيئ في السابق؟ يحول الجسم النشويات إلى سكر ليحصل على الطاقة، وارتفاع نسبة السكر في الدم تعطى إشارة إلي البنكرياس يفرز المزيد من الأنسولين، فيؤدي إلي خفض نسبة سكر في الدم. ولكن المشكلة أن تلك العملية لا تظل تعمل بشكل مثالي خاصة مع مرور الوقت. ونتيجة لانخفاض مستوى السكر في الدم بشكل كبير فنشعر بالجوع مرة أخرى. ليست غريبة علينا تلك الظاهرة فنختبرها في عندما نأكل الحلوى. ويصف اتكينز ذلك بقوله"نتيجة لتلك العملية يضطرب مستوى السكر في الدم والذي عادته يسبب الإرهاق والتعب والضباب العقلي والارتجاف والصداع" 


  الكثير من الذين لديهم رد فعل مبالغ من الأنسولين و تأثير عكسي للسكر، بحيث تتحول النشويات إلى سكر فليس القليل كالكثير. فنحن نكون أفضل مع الأطعمة التى تحرق بشكل أبطئ والتي هي الدهون والبروتينات. بعد ثمانية وأربعين ساعة من تحلل الدهون، يصبح حرق الدهون من أجل الحصول على طاقة والتي تسمى مرحلة  الحث في حمية اتكينز "يسيطر الجسم على الجوع ويقلل الشهية تجاه الطعام".

ومن خلال تجربتى شخصية، منذ كنت مراهقًا وأنا اظن أن هناك شيئًا خاطئًا في حميتي الغذائية، لأنى كنت أصبح أسعد عندما أكل بشكل مختلف، كنت أشعر بالإرهاق كثيرًا والكسل ويكون مزاجي سيئًا. ولكن الغريب انى كنت اختبر الجوع في عقلي أكثر من معدتى، فكنت لا أريد إيقاف قرقعة معدتى، ولكنى أردتُ أن أتخلص من الغيوم التي في عقلي. كنت أعانى من فترات اضطراب وعصبية وسئم وكان الطعام الشئ الوحيد الذي يمكنه إصلاح ذلك. 


حدث شيئًا عجيب عندما بدأت حمية اتكينز: فكنت لا أِشعر بالجوع، كانت المرة الأولي التي اتبعُ فيها حمية غذائية ولا أشعر بالجوع، و رغم قرقرة معدتى بعد الوجبات بساعات لكنى كنت أشعر برتياح. فكنت لا أحتاج أن أكل للتخلص من الغيوم التي في رأسي والحصول على جرعة من الدعم المساعد على الاستمرار. استقر مستوى سكر الدم بعد أن كان مثل لعبة اليويو، فكان في "منطقة آمنة" بمصطلح حمية قليل النشويات "اللوكارب". كنت اتمرن بشكل يومي لسنوات  بدون خسارة أي وزن ولكنى كنت مستمرًا لانها تحسن من حالتي النفسية والعقلية، والآن أصبحت حمية اتكينز تقوم بالدور نفسه. تقوم حمية اتكينز من التهدئة السريعة من المشاكل الشائعة مثل الإرهاق المزمن والعصبية والاكتئاب ومشاكل التركيز والدوار والأرق. بشكل شخصى، نمت بشكل أفضل ولم أعد أصاب بحرقة المعدة وعسر الهضم، ظننت أنى ربما كنت مصابًا بحساسية من بعض الأطعمة وشفيت من ذلك، ولكن دكتور اتكنز أوضح أن"الكثيرون مثلك، خاصة من من تجاوزوا الأربعين، فأهم ما وجدوه هو تأثير ضبط الكمية المتناولة من النشويات وارتباطها ببعض الآلام الجسدية والصداع والأوجاع والتى اختفت بعد ضبط كمية النشويات".  لم أكن مهتما بأن افقد وزن ولكنى فقدت، فبعد سنتين من الاستمرار وصلت إلي 165 باوند بعد أن كنت 187 باوند، والأكثر هو انخفاض مستوى الكوليسترول بشكل كبير. فصار جسدي يقدم أفضل ما لديه وأنا مستمر على حمية اتكينز.


يقدم بعض الفنانون محدودي الموارد أعمالًا عبقرية، ولكن نيتشه يعرف أن عليه تكسير البيض ليصنع أومليت. تبنى باري سيرز حمية منخفضة النشويات "لوكارب" وأعتبرها منطقة آمنة، وشجعنا على أن نتصور ماهية "الشعور بخير" ليس بوصفه غياب للمرض، ولكن التأدية بأقصى فاعلية ممكنة. فكما يقول"في المنطقة الآمنة حمية منخفضة النشويات "لوكارب" ستتمتع بأفضل أداء جسدي:التحرر من الجوع، طاقة هائلة وأداء جسدي وايضًا تحسن التركيز الذهنى وزيادة انتاجيته." يتوافق ذلك مع مثل لاتيني يقول"العقل السليم في الجسم السليم". وأشار نيتشه من قبل إلي أنه لتحقيق أقصى أداء ممكن ونصبح من خلاله عملًا فنيًا من صنع أنفسنا، يعتمد  ذلك بشكل جزئي على تبني نظام مناسب ومتوازن ودقيق. "تباطؤ حركة الأمعاء كافي تمامًا إذا لازم المرء أن يحوله من عبقري إلي شخص محدود الموهبة". أيضًا يمكن أن نفكر في تونى سوبرانو الذي أكل في طريقة كل قطعة جاباجول وفتاة ولص، رغم ذلك فهو عمل فني، كان لدي تونى الكثير القلق ناهيك عن التردد وفقدان الوعي.  




 يجب على المرء معرفة حجم معدته


يقول بعض الرافضين "أن الأمور لا تجري بذلك الشكل" ولكنها كذلك بالفعل، لقد شعرت بشعور جيد وفقدت وزنًا حتى لو قال بعض الناس أنه لم يحدث. كان أفضل شيئًا في حميتى من وجهة نظرى أنها تلائم طبيعتي المختلفة. يؤكد نيتشه على أننا يجب نوحد دوافعنا ورغباتنا لنخلق من أنفسنا عملًا فنيًا. كانت تجربتي مع حمية اتكينز على العكس تمامًا من الحميات "قليلة الدهون" التي جربتها من قبل التى جعلتنى غريبًا عن نفسي وشاعرًا طوال الوقت بحاجتى إلي المزيد من الطعام، أما مع اتكينز فشهيتى للطعام أقل ونحف خصري أصبح جسدي أكثر تجانسًا.


ربما لا تكون حمية اتكينز مناسبة للجميع، ولا مشكلة في ذلك، فلم يلقي نيتشه القبول من الجميع، وكذلك اتكينز لا يجدها الجميع مناسبة لشخصيته. ربما  يصبح أرنولد شوارزنيجر على ماهو عليه أكثر إذا تبع حمية اتكينز، بينما تونى سوبرانو لا يمكن أن يتبع حمية اتكينز بدون أن يتغير عما هو عليه. سلم نيتشه باختلاف الشخصيات والأجساد، فكانت المهمة الرئيسة هي التعرف على جسده، وردة فعله على مختلف الأطعمة والمشروبات. "على المرء أن يعلم حجم معدته". أقترح نيتشه عند حديثه حول تناول الفرد للشاي، أنه على المرء أن يجد ما يفضله. "كل إنسان لديه معياره الخاصة، بين أضيق الحدود وأكثرها رحابة". أعتقد نيتشة أن أكثر الأروح ابداعًا هي الأكثر تمايزًا توازنا. وفيما يتعلق بالغذاء فقال"كلما أرتقت الروح في مراتب التفرد، كلما كانت الحدود المتاحة أضيق". لذلك فالمنخرطين في جعل من حياتهم عملًا فنيًا يجب أن ينتبهوا لما يأكلونه. 


ليس جميعنا يعاني من السمنة، ولا ليست جميع أجسادنا تتشابه في رد فعلها على تناول النشويات، لذلك حمية اتكينز ليست تصلح للجميع. هناك فرق بين من يحتاجون حمية اتكينز وبين من يجدونها مناسبة لهم، فمستوى النشويات التي عندها يكون المرء ثابتًا لم يعد يزيد أو يخسر وزنًا تختلف من فرد إلي أخر. 


وفي محاولاتي النشوية لتقديم عملًا فنيًا مدعمًا بسردية كافية بالنسبة لى للقول بأن حمية اتكينز تستحق التجربة من أجل العقل والمشاعر والجزء السفلي من الجسم. وحتى الآن تؤكد النتيجة على ما ذهبت إليه. فعلى المدى الطويل من الممكن إثبات خطئي فيما أعتقد الآن أنه صحيح، لذا اكملت مع استمرار ملاحظة وزنى ومزاجى ونسبة الكوليسترول الخ. واهتممت بالتقارير الطبية، ولكن كان اهتمامى موجهًا أكثر تجاه جسدي متبعًا نصيحة نيتشة.   




 كطريقة في العيش:



فهمَ نيتشه الفلسفة بوصفها طريقة في العيش، أما اتكينز فهى طريقة في تناول الطعام، وليست حمية مؤقتة، لم يدرك الكثيرون تلك النقطة. فعندما سألني الطبيب كم المدة التي ستستمر على تلك الحمية؟ فقلت له مدى الحياة، فهى ليست حمية قاسية وسريعة لخسارة الوزن مثل معظم الحميات الآخر الشائعة. تعني كلمة "diet" حمية أو نظام وأصلها لاتينى بمعنى الروتين اليومي أو طريقة العيش. فهى طريقة في تناول الطعام يوميًا، ليس فقط على المدى القصير أو خطة صعبة على المدى القصير. 


ليس كل ما هو طبيعى دائمًا جيد بالضرورة، ولكن عندما يخفق الغير طبيعى يصبح تجربة الطبيعى فكرة جيدة. إذا قبلنا ما أنتجته ظروف التطور البشري كأمر طبيعي، فإن العيش بشكل جيد على نظام أتكينز يعني إعادة تعلم ما الذى نأكله، والتعود على التخلي عن معظم ما هو غير طبيعي لصالح ما هو طبيعي. تتلاءم أجسامنا مع نمط الحياة البدائي المعتمد على الصيد. فيمكن لنا أن نسأل أنفسنا: إذا كنت أعيش في غابات أفريقيا، عاريًا وحاملًا رمح مدبب هل كنت سأحصل على نفس الطعام الذي آكله الآن؟. فنحن نحتاج إلي المزيد من ممارسة الرياضة والطعام الطازج. بالتأكيد أن الفواكه والخضار جيدين ولكن، الدهون والبروتين كانوا الجائزة التي حازها أسلافنا.

 لم يؤمن نيتشه بمصطلحات مثل "الطبيعي" "الخير"، فقد كان يجابه مثل تلك المفاهيم، وقال بأنه ضد النباتية من خلال تجربة له، ويري أن هضم وجبة دسمة أسهل بكتير من الوجبات الصغيرة. بالطبع يمكن الجمع بين الحمية النباتية وحمية اتكينز، ولكنه صعب. وبينما يمكن للمرء أن يجد أسبابًا أخلاقية ليكون نباتيًا، ولكن الطبيعية ليست من بين تلك الأسباب، فعلى سبيل المثال، المجتمعات البدائية كان لا يمكنها النجاة من فصل شتاء، ناهيك عن شعوب الاسكيمو. 


لا يوجد في حميتنا الغذائية مكان للحبوب المصنعة والسكر الصناعي، فالحبوب المصنعة والعيش ظهروا في نظامنا الغذائي منذ أقل من عشرة آلاف سنة، فلم يتعود عليهم التطور البشري حتى الآن ومن المحتمل ألا يحدث. فنحن فى حمية اتكنيز نأكل ما تطورنا وتلائم جسمنا على أكله. النشويات المكررة ليست طبيعة أكثر من الكحول ويمكن أن تؤدي إلى الإدمان ايضًأ. يجب أن نتعلم أن نستمع إلي أجسامنا، لأنه عندما نأكل بشكل غير صحيح لا يفشل الجسم من العمل بشكل مناسب. فأولًا يجب أن نجد المشكلة ثم نحلها، كما يقول نيتشه"لكل منا مثاله: فعلى المرء ضبط فوضاهُ الداخليه من خلال التفكر فى احتياجاته الحقيقة". ولكي نكون متناغمين مع جسدنا فعلينا الإستماع إلي ما يقوله فهذا طبيعى. فنحن نحتاج إلي أن نتعلم أنه عندما نأكل بشكل منضبط فإننا لن نشعر بالجوع مرة أخرى بعد مدة قصيرة. ونحتاج إلي تعلم أيضًأ يمكن أن نأكله فيشعرنا بالشبع، وليس الامتلاء، فمن السهل تناول الكثير من الحلويات ولكنه من الصعب تناول الكثير من اللحوم. يرسل الجسد إشارة إلي العقل عندما نتناول قدرًا كافي من الأطعمة المناسبة. فنحن نحتاج إلي أن نستمع ببساطة إلي جسدنا. 

         


ومثلما يحدث في كل الحميات، فيكون هناك محاولات لكسر الحمية، أو بمصطلحات نيتشة "العيش الخطير". ولكن بالنسبة للكثيرين فإن التعب الجسدي أقوي بكثير من الشعور بالذنب في تحفيزنا للحفاظ على الحمية. في الواقع، يعتقد دكتور اتكينز أن السبب الذي يجعل أكثر من نصف مرضاه مستمرين ومحافظين على الحمية ليس خسارة الوزن (وهم يخسرون وزنًا بالفعل) "ولكنهم يشعرون بما هو أسوأ إذا توقفوا عن الاستمرار في البرنامج". كتجربة شخصية، عندما توقفت عن الحمية وأكلت حلوي في المطعم شعرت أننى لست بخير، وفي صباح اليوم التالى أصبت الصداع والأهم اننى عدت الشعور بالجوع القديم، فكنت أبحث عن الطعام مثل محتفل ثمل يبحث عن شعر الكلب الذي عضه. وصف اتكينز  تفقدنى قنبلة السكريات عند تحولها إلي نشويات توازنى. ويقول"يقول العديد من المرضى أنهم لما امتنعوا عن أكل الأطعمة السريعة لشهور مع الاستمرار في حمية اتكينز فإنهم تعافوا من الاضطراب الذي كانوا يعانوا منه عند تناولهم تلك الأطعمة". وعلى عكس مدمنو الكحول فإنهم إذا تناولوا شرابًا من حين إلي آخر يمكن أن يعودوا إلي الإدمان مرة أخرى، فمن هم على حمية اتكينز يمكن لهم تناول وجبة خارج النظام من حين إلي آخر دون السقوط في الهاوية مرة آخري. هناك الكثير يمكن أن نستفيده من تجربة اختبار الألم والضيق فى الفترة التى نتاول وجبة غير متضمنة في النظام الصحي. فقد رأي نيتشه أنه ليس فقط يمكن أن نتعلم من اختبار الألم ولكن يمكن ان نستعمل تجربة ضعفنا استعامل إيجابي في خلق عملًا فنيًا من أنفسنا.  فيقول"شيئًا واحد وضروري لبناء طراز للإنسان، وبزوغ شخصيته وجعلها عملًا فنيًا عظيمًا ونادرًا، هو استقراء للقوة والضعف لطبيعة الإنسان وجعلها مناسبة لمسار فنى، عند يبزغ الإنسان كعمل فنى عاقل، فحتى رؤية الضعف تبهج العين". 


هل كان نيتشه يتبع حمية اتكينز؟


انتقد نيشة معظم الفلسفات السابقة له لمطلقاتها في شكل "يجب أن تقوم بكذا" و"لا تقوم بكذا"، فحاول تجنب ذلك عند تقديمه لفلسفته بصرامة. فمن البديهي ألا يدعوا نيتشه حمية أتكنيز لكل البشر، ولكنه لو عاصرها لم يكن يعارضها. لقد كان في الواع مغرمًا بمعارضة الطرائق التقليدية في النظر و الأداء للأشياء، فربما لكان يجد ما يروق له في حمية اتكينز.  


وفي الختام، وفي خضم شعورك بالاستحسان لما أنت عليه من عمل فنى وأنت ملتزمًا بحمية اتكينز، كن حريصًا على معرفة الذات الذي كان الشاغل الرئيسي لنيتشه. بأي قدر تعرف نفسك جيدًا؟ لأي مدى تستمع إلي جسدك؟ فكما قال نيتشة ناقمًا "لم يعرف الإنسان نفسه فزيولوجيًا، فهو لم يعرف نفسه حتى الآن" 

 


 


                    

         




        

      



    








     


ليست هناك تعليقات: